۩ ● ۩ بـقـلــم – کــــريــــــــــــــم Iron Man ۩ ● ۩
{{{ يـمنــع الـنـقـل بـدون ذكـر المـصدر }}}
◊●◊ الصــــــــيــــــــــــفــــــــــــــــ ◊●◊
۞ الصيف هو فصل الحبــــــ والجمـــال والأحـلام والمغامراتـــــ والأسمـار والأسفــــار والتــــــــــــنزهـ والاستجمـام، وأشبهه بضيفـــ خفيفـــ الظل ، حلو المعشـر، طلق المحيـا ، نظير الوجـه وباســم الثغـر تفرح للقيـاه وتغتـم لفراقهـ ، و يذكرني الصيف بالبحـر بزرقته وأمواجه المندفـعــة و المتلاطمـة وطيور النورس التي ترفرفــــ بـأجنحتها حــول المراسـي ، وبالرمـال الذهبيـــة التي تلمع كالتبـر المتلألئ تحت خيوطـ الشمس القوية و الساطعة ، وبنسمات الهــــــــــواء العليـــــــل والأمسيات والسهرات الرائقة ، وبالمــرح والفـــرح والحبور وشقاوة الاطفـــــــال واللهو البريء والثرثرة الضحــوكة. فكــم كنت أفرح لمـا أذهب الى البحر فأعـدو في الرمال وأركض وأقفز وأسقطـ وأرتمي في أحضـان الأمــواج وألعب الكرة مع الأصدقــاء والخــــلان ، ونتغزل بالفتيات الملاح الغــوادي الحسـان اللواتي يتبخترن في مشيتهن في غنج ودلال كالحمائــم البيض الفتـــــان فيذبن قلوبنـا المشتعلة بلهيب الحبــــ والشـوق و الهيــــــام ... كم من قصور اسبانية بنينـــاها من الرمل وغمرتهـا المياه فانهـــــارت في غمضة عــيــــن كالسرابـــــ المتلاشـي، وكــم من حفــر وفخــاخ حفرناها لنوقع فيهــا المارين فنختبئ فـي مكــان قريبــــ وخفي عن الأعين ونراقبـــ ما يجري فنضحكـــ ملء أشداقنـا كلمـا سقطـ فيها أحــد الضحــــايــــا و " الـمـغـفـليـن " ! وكــم مـن صدفـة بحريـة جمعناهـا مـن شاطئ البحـر وصنعنـا مـنهــا تحفــا رائعة الجمـال وتخلبـــــ الألبـابــــ ... ولا أنـسـى أبـدا تلكـــ الأمسياتــــ الـتي كنـا نشــق فيهـا عباب اليــم بمراكبنـا وزوارقنـــا لصيد الاسماكــ الكبيرة والمحــار ، فنعطي أهالينـا ما تيسر منهــا ونشوي بقيـــة السمكــــ على النار في ذلكم الجبـل المعشوشب الحزيز القريبــــ من البحـر فنلتهم تلكــــ السمكــات ونمتـع ناظرينــا برؤية البحـــر والأفــق البعيد تحت ضوء القمــر.. ولا أنســـى حفلات الزواج والأفراح والمناسبات العائلية حيث كان الشمل يجتمـع ويلتقـي بعد غياب طويل ... وقطعا لا أنسـى فتاة أحلامي الهيفاء الصغيرة التي كنت أتحرق شوقــا للقياهـا ولأتبادل معهـا عذبــــ الكلام وأحلاه ولنتهامـس شوقـا وحنينا ونختلس القبــلات البريئة والنظراتــ الحــانية ... وكم كنا نتسامر مع الرفـاق والأصدقاء فننسـج قصصـا خيالية وأحلامـا مستحيلة ونتخيل كيف ستكون قادم الأيام وما ستحمله لنا من مفاجآت سعيدة ، في ليالي الصيفــــ المغريـة و اللذيــذة ... فكانت لنا صولات وجولات و حكايات وروايات وأسمـــار شهدتهـــا أشجـــار السنديــــان والصنوبر وعتبات المنازل وسطوحها والحدائق العامة والساحات والطرقــات والأزقـــة والمنعطفات والأودية والتلال وكرمة العم " محمود " وزوايا الأوليـــــــاء الصالحـين ! اذ كان كل شيء يفرحنـــــا ويحدث فينـــا البهجة ، ويبعث فينا روح المغامرة ويغمرنــــا بالسعــــــادة والفــرح.
◊●◊ الــــخـــــــريــــــــــــفـــــــــــ ◊●◊
۞ وتتساقطــ أوراقـــ الشجر الصفـــراء الذابلة وتتطاير في السماء وتهبــــ الريـــــــــــاح الغربية الخفيفة الباردة والحزينة وتتساقطـــ زخــــات المطــر برفـــق وبــرود فتنعــش الأجســـاد والأرواح ، فتدبـــــ فينـــا الحيـــاة وتدفعنــــا للعمـــل والاجتهــــاد والحـــركة ، فهو فصـل التقلباتـــــ المستمــرة والتغيــر المتجدد والمتواصـــل ... غير أني كنت أكره هذا الفصل لأنه يأتـي بعد أحب فصل الى قلبي ، ولأنه فصل الرجـــــوع الى المدرسـة وفصل الانضباطـ والجد فعلينــا أن ننــام في أوقات مضبوطة ونستفيـق فـي أوقات محـددة كما تتقلص ساعات اللعبــــ وتتزايد ساعـــات المراجعة والواجبات الدراسية المنزليــــة ، لكن هي فرصة للالتقــاء بأصدقاء المدرسة والحديث عن مغامراتنا وسفراتنا وحكايانــــا ، ولنتعرفـــ كذلكــ على الاصدقـاء والصديقـات الجـدد فنبدأ علاقــات أخـرى ومغامرات أخـــــر . كما كنت أسعد بملاقاة المدرسين وأحاول أن ألفت انتباههـــم بفطنتـــي وذكائـــي وشغبــــي و " مقالبــــي " ! ومع ذلكــ لم يكن لفؤادي أي هـوى واشتيـاق لهذا الفصـل لأني كنت أراه كابحا لحريتــــي وملجمـا من اندفاعـي وانطلاقـي في العالـم الفسيح الرحبـــــــــ ...
۞ فصل البرد والقــر والأمطــار والأعاصير والأنـواء والزوابع وقصفــــ الرعود وانهمار المطر الغزيـر... وهذا الفصل يثيـر في عـدة أحاسيـــس ممزوجـــة بالخوفـــــ والسعـــــادة , صحيح أنه يحرمنـا من اللعبــــ واللهـو في الحدائق والشوارع والطرقـات لكن رؤية الأمطار وهي تنهمـر والسمـاء وهـي تتلبد بالسحـب الرمادية والسوداء الحالكة والرعـــود وهـي تقصفـــــ وتزمجــر تدفعنـــــــا للاحتماء بمنازلنـا وديارنـا والركـــون الى الفراش الدافئ والتدثـــر بالأغطيــــة السميكة والـدافـئــة أو الى المدفـئة حيث تجتمع الأسرة حولهـــــا لنستدفئ من البرد بتلك النار المضيئة ،الساحرة والغامضة ... فما ألـــذ ذلك الشعور حين تكون الأمطـــــــــــــــــــــــار والأعاصير والريــــاح في الخارج تدوي وتزمجر وتـــزأر ونحن مختبئــــون في أوكارنــــا وأعشاشــنا كالطيور الوجلة مع آبائنـا واخوتنا وأخواتنا ، ونتحلق حــول جهـاز التلفـاز أو نستمع بشغفــــ وفضول كـبيـر لحكايـــات جداتنــا الشيقــة والمخيفة عن العفاريت والسحــــــرة وقصص ألفــــ ليلة وليلة أو نغوص في قراءة قصة بوليسية مثيــرة كقصص أغاثـا كريستي ... كما يسترجع دفتر ذكرياتي حادثة سقوط الثلـوج في مدينتـي الجميلة وكـم فرحنـا وانتشينـا لذلكـ , فلبسنـا معاطف مكسـوة بالفرو وتدثرنـا بأثقل الملابس وأسمكـها اتقـاء للقـر الشديد والبرد القارس ، وأذكر لعبنـا بالثلوج وتعاركنـا وتراشقنـا بها وصنعنا منها تماثيل وأشكالا مضحكـة ورائعـة ، وكرات ثلجيـة كبيرة نتقاذفـهـا ونلعب بهـا ، انهـا حقا ذكرياتـــ محفورة في ذاكرتنا ولا يمكن للزمـن أن يمحوهـا .
◊●◊ الــــــــــــــــربــــــيـــــــــع ◊●◊
۞ فصـل الجمـال و الحبــــ والرومانسية و وتفتح الزهـور وتينع الورود واكتساء الأشجار لحلل بديعـة و بهيجـة , انه فصل الحبـــ والحياة والعطاء و خروج الحشرات والحيوانات والزواحفــ من مكامنهــــــــا و أوكارهــا وجحورها بعد ظـلام دامس ونـوم طويل كئيبــــ ... فهو سنفـــونية خـــالدة و لحن جميل ساحر فريد تعزفــه الطبيعة الغنـاء لنكتشفـــــ من خلالهـ طقوس الكـون و أسـرار الحياة وجمالها وبداعتهـا وروعتهـا وسحرهــا الأخـاذ , فالطبيعة تحتفـل بقــدوم الربيع وتتخضب بالحناء وتكحـل رموش عينيها لهـ وتتجمـل ، وترتـدي أجمل الكسى والحلــل والفساتين المطرزة بأحلى الألــــــوان الناظرة والبراقة وأبهاها , فما أجمل هذا الفصل وما أعذبه فكأنه استراحــة للقلوب بعد عنـاء وشدة وتعب ونصب . والربيع ، كذلكــ ، ملهــم للعشــــــاق للبوح بمكنون الفؤاد وشوقــــ الغرامــــ والحبــــ الرومانسي الحالم فينشدون أجمل الاشعــــــار والخواطـــر ويبوحون بحبهم لمتيمي قلوبـهــم ومعشوقــيهم ... وذكريـــاتي في هذا الفصل لا تعد ، فأذكـر كيف كنتــــــ ، و أنـا طفــل صغـيــر ، أذهبــــــ للحقول والبســـاتين مـع الأصدقــاء لأركض خلفــــــ الفراشــــاتـــــ المزركشة والـملونـة وأتسلـق أغـصــان الأشجــار الوارفة الظــلال والصخــورالجـلامـيـد في سـفــوح الجبــال ، وأرتمـي وأتمـرغ فــي الأعشــــاب والحشائش , كما أذكــــر كيفــــ كنا نطارد خلايا النحل لنأخــذ منها شهد العسل وسرعــان ما تلاحقنا هي بعــد ذلك فكنا نجـري ونضحكـ ونلهثــــ خوفا وحبورا .. كما كنا نقطف أزهـــار الأقحــوان وشقائــــــق النعمان والنرجـس والنسـرين لنشتــــــــم روائحها الفــائحــة والعطــرة ، ونطارد الخطاطيفـــــ وصغــار العصافيـــــــر واليمام ونتصيد الأرانبــــ والغزلان ونتتبـع السواقي وميـاه العيون الــزلال العذبة لننهـل من معينهــا الذي لا ينضبــــ فنغتسل بها ، ونرش المياه على أجسادنــا وننثرها في الأثير، وكنــا كثيرا ما نهيم على وجوهنا في الغاب بلا هدفــــــ فنستمتـــع بزقزقــــة العصافيــر وخريــر الميــاه الرقراقـة وحفيفـــــ أوراق الشجـر وهمســات النسـيم العليـل .. حقـا انها ذكريـات جميلة لا تنسـى أبدا !
¤ فحيـاة الانسـان كـمـثـل الفـصـول الأربعـة فـي مراحلهـا وتعاقبهـا ، فالبـداية بفصـل الشتــاء , شهــر الــولادة والحياة فصـراخ الطفــل في المـهـد كقصفــــ الرعد وبكــاؤه كانهمـار المطــر واحتماؤه بأمــه كمثــل احتمائنــا بمنازلنـا في يـوم ممطـر مـتجهــم .. والـربيع كمرحلة الصبــا والطفولـة الغضـة واليانعــة , فكمــا تـورق الاشجار وتينـع الزهـور فالطفـل كذلكـ ينمـو ويكبر ويشتـد عــوده الـطـري شيئـا فشيئـا ويتفتـح كالــوردة فيبتسـم للحياة بتفــاؤل.. أما الصيفــــ , فهو فصل النضـج واكتمــال النمــو كحيــاة الانسـان في شبابه وأوائــل سنوات كهولته حيث يصبح ناضجا ، قويـــا ، شديدا ، متيبس العود ، مليئا بزخــم الحياة وعميقــا بمغامراتـه وكفاحاتـه .. وختامـا فصل الخريف الذي يمثـل نهايـة هذه المرحلة حيث تصفـر أوراق الشجـر وتأخـذ في التساقطـ وتذبــل الزهور وتتلبـد السماء بالسواد و بالسحب القاتمة مؤذنــة ببدايـة العاصفـة وغــروبــــ الشمـس ونهــايـة رحـلـة العمــر .. وربمــا لتبشـر بـبـدء حياة جديدة وفصــول أخرى، وهكذا هي الحيــــــــــاة ....
اليومية